عمــــــــود صحـــــــفي للجمـــــــــــــيع فقــــــــــط
------------------------------------
بلالة تعود إلى أرض الواقع ..! / منى أبوزيد
------------------------------------
«الحياة محببة والموت هادئ، لكن المشكلة في الانتقال» .. إسحق عظيموف!
(1)
كانت (ماريا إيلينا) تخبر (لويس فليبي) بأن يذهب إلى الجحيم في الحلقة السبعين بعد المائة من ذلك المسلسل المكسيكي الذي ملأ الدنيا وشغل سكان القرى والحضر - لشهور طويلة - عندما ارتفع رنين موبايل (بلالة)!
نظرت المراهقة ذات التسعة عشر ربيعاً والتجارب الحياتية المحدودة إلى الشاشة المضيئة التي كُتب عليها بحروف متقافزة: (الشفيع يتصل بك) قبل أن تتجاهل رنينه ? مع سبق الإصرار - وهي تتابع بشغف مشهد عودة العلاقة بين البطل الوسيم والبطلة ذات الجمال الخارق!
(2)
كان (لويس فليبي) يمسك بكف (ماريا إلينا) في توسل، وهي ترمقه بعينيها الناعستين في غضب فاتن، الأمر الذي دفع شقيق (بلالة) الأكبر إلى الصياح وهو يضم كلتا يديه إلى منتصف صدره قبل أن يطلقهما في اتجاهين متعاكسين صائحاً في تأثر:
ـ ماريا إيلينا لكن ما عذاب .. عذاب بس!
تعالت صيحات الاحتجاج من بقية أفراد الأسرة مطالبة إياه بأن يخرس بينما كان (لويس فليبي) يواصل تسميع الموشح المعتاد:
ـ أنت حبيبتي لا أحد سيأخذك مني ..أتفهمين ؟!
لكن (ماريا إلينا) لا تريد أن تفهم، الأمر الذي يعني المزيد والمزيد من الحلقات حتى يفهم المشاهدون «حاجة»! .. وبينما كانت (بلالة) تشاطر (ماريا إلينا) البكاء عاود هاتفها الرنين..
(الشفيع يتصل بك ) .. (الشفيع يتصل بك ) .. (الشفيع يتصل بك ) ..!
إلحاح الحروف المتقافزة على الشاشة المضيئة أقلق (اندماجها) الشديد مع المشهد العاطفي، فضغطت على زر الإجابة بغضب قائلة بنفاد صبر وهي تمعن في تعطيش الجيم على طريقة أبطال المسلسل:
ـ (إذهب) إلى الجحيم ..!
ـ شنو ..؟!
ـ (إذهب) يا خي ..!
(3)
أرسل (الشفيع) خطيب (بلالة) وابن عمها الثلاثيني، المغترب بالسعودية إحدى بنات خالاته للتوسط بينه و(بلالة) التي كانت تمعن في التمنع والدلال على طريقة بطلة المسلسل المكسيكي إياه .. قالت (عزيزة) قريبة (الشفيع) ـ التي كانت فتاة واقعية ـ بنفاذ صبر بعد أن سئمت جدل العروس الذي لا طائل منه:
ـ أسمعي يا (بلالة) النكلمك ضحى .. الرجال ديل ما بنفع معاهم جنس حركاتك دي!
ـ ما بعرف يتفاهم يا عزيزة ماعنده رومانسية .. بعدين ما شفتي (فليبي) بعمل لي (ماريا) شنو ..؟!
ـ أقعدي معاه براك .. أنا ما بمشي أوصل كلام زي دا ..!
(4)
كانت (بلالة) تحرك شفتيها لتشبها شفتي (ماريا إلينا) عندما يتزامن خروج الحروف عبرهما مع صوت المؤدية في الدبلجة العربية للمسلسل:
ـ إنت جرحتني وما راعيت مشاعري..!
ـ يا بت فتِّحي عيونك ديل واتكلمي عديل ..!
ـ الشفيع يا خي .. أنا ما حاسة بتفاهم بيناتنا ..!
ـ كلامي من الليلة ما ح يكون معاك ..!
(5)
عقد (الشفيع) جميع الاتفاقيات الخاصة بزواجه من (بلالة) مع عمه الذي هو والدها كما تقتضي الأعراف في قريتهم، في الوقت الذي كانت فيه العروس ـ التي عادت إلى أرض الواقع بفضل تعنيف أعقبته صفعة معتبرة من والدها حاج الصافي ـ تتأهب لممارسة دورها التقليدي كزوجة مطيعة لابن عمها الصارم، وأم لأطفال كُثُر قادمين ..!
(6)
في يوم الزفاف كانت بنات القرية يمارسن هواية النميمة بشأن تمرد العروس المراهقة قبل عودتها إلى أرض الواقع .. أمنت جميع الحاضرات بحماسة على كونها تستحق كسر الرقبة .. وحدها (سمية) مدرسة العربي من كان لها رأي آخر، حركت سبابتها على نحو يوحي بالخطورة، وهي تقول به في حذلقة:
ـ يا جماعة (بلالة) دي إحدى ضحايا العولمة ..!