عمــــــــــــود صحـــــفي للجمــــــيع فقـــــط
--------------------------------
قوات التدخل السريع !!/ منى سلمان
---------------------------
في واحد من مشاهد مسرحية (ريا وسكينة)، تنتهي مواجهة الشقيقتين مع زوجة ابيهم بقتلها دون سابق قصد أو تدبير منهما، وفي نهاية ذلك المشهد تنتبه الشقيقتان لخطورة نتيجة تهورهما بقتل (أمّونة) وتبعات ذلك التهور من امكانية القبض عليهما ومحاكمتهما .. تقول (ريا) لشقيقتها (سكينة) في خوف:
صدقي يا سكينة يختي .. حا يشنقونا.
فتحتج عليها (سكينة) في سذاجة مضحكة:
يا سلاااام .. يشنقونا !! ونسكت لهم ؟!!!!
هذه الجزئية من المسرحية، تطابقت عندي مع تداعيات اللقاء الذي اجرته إحدى الصحف السعودية المحلية، مع فضيلة الشيخ (عبد المحسن العبيكان)، نقلت فيه عن الشيخ قوله بأنه يسمح للزوجة أن تضرب زوجها دفاعا عن نفسها، كما يجوز لها هجر فراش الزوجية إذا قصّر الزوج في حقها، بأن امتنع عن نفقتها، أو أساء عشرتها، أو استخدم العنف في علاقته بها.
لا أدري ما هو السبب الذي جعل وسائل الاعلام تتلغف (الحوار) ولا أقول (الفتوى)، وتلوح به أمام وجوه علماء المسلمين على طريقة (المديدة حرقتني) ! فلا جديد في حديث الشيخ يمكن أن يبرر تلك الضجة الاعلامية سوى هوان أمور ديننا الحنيف على قلوب قبيلة الاعلام المرئي والمقروء والمسموع، والسباق المحموم بين تلك الوسائل لتصيّد الثغرات ومواطن الخلاف في اقوال البعض من علمائنا، لتزكية نار التنافس المحموم بينها نحو السبق الصحفي، وصنع من (حبّة) معلومة بديهية (قبّة) من الضجة الاعلامية بدون طائل.
فـ دفاع المرأة عن نفسها في حالة الاعتداء عليها سواء أن كان من قبل زوجها أو الحرامي أو غيره، لا يحتاج إلى فتوى .. و(كمان قومة وقعدة)، لأنه من البديهي والطبيعي أن يدافع الإنسان عن نفسه عندما يحاول أحد الاعتداء عليه .. وعلى قولة (سكينة) في المسرحية (يشنقونا ونسكت لهم؟!!)
فلا يعقل أن يتقدّم معتدي بغض النظر عن من هو، نحو ضحيته – ايا كانت تلك الضحية - زوجة أو غيرها، ليضربه بساطور أو سكين أو عصاة غليظة، يمكن أن تسبب له الاذى الجسيم وربما تفقده حياته، ثم يقف الضحية (يعاين في سلبية ومسكّنة) دون أن يقدم على الدفاع عن نفسه!!
وهذا بالضبط ما قالت به فتوى الشيخ أنه من حق الزوجة رد اعتداء الزوج حتى ولو بالضرب، فلا يمكن للزوجة أن تستسلم وتقف ساكنة لزوجها أو غيره لكي يؤذيها، فهذا ليس من الإسلام في شيء، ولا علاقة له بقوله تعالى: (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) صدق الله العظيم.
رغم اختلاف العلماء ايضا في تفسير كلمة (واضربوهن) التي وردت في الاية الكريمة، فللضرب في اللغة العربية قرابة الثلاثين معنى ادناها (اعرضوا عنهن) .. إلا أننا هنا، لسنا في مقام الدفاع عن حق الزوج في ضرب الزوجة الناشزة فالامر مختلف ..
وحتى ضرب الناشزات للتأديب يكون القصد منه الإيلام المعنوي وليس المادي بالمكافتة والهبت الذي يؤدي للاذى الجسيم .. شوية ضربات خفيفات بـ(قش الحنقوق) كافية لايصال الرسالة، كما فعل سيدنا ايوب عندما أمره الله سبحانه وتعالى ان يوفي بعهده ان يضرب زوجته، وذلك في قوله تعالى:
(وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) صدق الله العظيم .. سورة (ص).
وقصة الأية معروفة وهي أن سيدنا أيوب عليه الصلاة والسلام، كان قد غضب على زوجته بسبب أمر فعلته دون اذنه (قيل انها باعت ضفيرتها واشترت بثمنها خبز فأطعمته إياه فلامها على ذلك وحلف إن شفاه الله تعالى ليضربنها مائة جلدة)، فلما شفاه الله عز وجل وعافاه، ما كان جزاؤها مع هذه الخدمة المخلصة والرحمة والشفقة والإحسان التي بزلتها له ايام مرضه، أن يقابلها بالضرب فأفتاه الله عز وجل أن يأخذ (ضغثا) فيه مئة قشة فيضربها به ضربة واحدة فيكون بذلك بر بيمينه وخرج من حنثه ووفى بنذره ..
كل الشرائع السماوية أوصت باكرام النساء والاحسان اليهن والترفق بهن، وما يفعله بعض طويلي الايدي مؤخرا من تعدي على الزوجات قد يعجّل بهن للدار الاخرة لم نسمع بمثله في الاولين والاخرين .. آخرتها ما جلبته اخبار الحوادث عن قتل رجل لزوجته بسبب فنجان قهوة !! باقي لي الحياة الجوزية في الزمن العلينا دا بقت محتاجة لقوات التدخل السريع !