عمــــــود صحــــفي للجمــــيع فقــــط
---------------------------
ناوية لك على نية !!/ منى سلمـــان
-------------------------------
يحلو لمنظّري الزواج المفاضلة بين زواج العاطفة الذي يتوج قصص الحب الرومانسية، وبين الزواج التقليدي الذي يتبع الاختيار بالمنطق العقلاني، ويراعي شروط الرضا والقبول بين الطرفين .. فهناك من يدعم النوع الأول ويعتقد أن زاد المحبة هو (البنزين) السوبر، الذي يضمن استمرار مسيرة سيارة الحياة الزوجية في دقداق وحفر ومطبات طريق الزوجية الصعب، وهناك من يدعم النوع الثاني المبني على أسس علم المنطق الحسابي، والذي يصلح لتضريب المسألة بحسابات السُترة والصُلحة، بعيدا عن تهويمات الرومانسية التي لا تؤكّل عيش، وبعيدا عن الأحلام الوردية والتوقعات التي غالبا ما تخيب باستيقاظ (الحبيبين)، عند ملامسة أرض واقع المعاشرة والمعايشة والمصاقرة اليومية، خاصة عندما يبدأ شريك الحياة باستخراج (وشوشه) الخفية من دولاب المعايشة بـ(الزندية)، من (وش النوم) الذي يستخدم عندما يقوم أحد الشريكين من نومو فيجد كومو من الهموم تنتظره بجوار المخدة، مرورا بـ(وش الساعة اتنين ونص) وهذا الوجه خاص بساعات ذروة الزهج في عز الصيف، وصولا لـ(وش الكلب) الذي يدسّه الشريك - زوج أو زوجة - لساعة (الكعابة والشكل) .. بالمناسبة قديما كان يقاس جمال الصبايا بـ(وش النوم) ساعة استيقاظهن في الصباح .. فهناك من تقوم من نومها نايرة مرتاحة القسمات وكأن النعاس لم يغشاها إلا لحظة من وسن فغسل عنها الحزن، وأخريات يقمن من نومهن وكأن وجوههن قد تعرضت للنفخ بمنفاخ العجلات .. أما حديثا فمن فعل القدر ظروفك لم تعد الوجوه تصلح للمصابحة قبل طرشها بطبقة البودرة والحيمور.
ما علينا، نرجع لمرجوعنا الأولاني .. تقول أمثالنا (الجديد شديد) و(الغربال الجديد ليهو شدّة)، وهذا ما ينطبق على مستجدي الزواج عندما تجرفهم الأماني العذبة في بداية الحياة الزوجية، وتدفعهم للمبالغة في سكب محلبية الحنان والاندياح العاطفي مع شريكة الحياة، ثم بمرور الأيام والسنين يتحول ألق الجديد لبهتان لون العادي والروتين، وتُفقد المعاشرة الجِدة والشِدة، كما الحال في ردة فعل العريس على تعثر العروس بالحجر أمام اللكوندة من (سلامتك إن شاء الله أنا) وصولا لـ(عميانة ما بتشوفي؟ العمى اليلايسك) !!
للحقيقة، تذهب الدهشة والانفعال بمرور السنين بين الزوجين، ليحل محلهم حنان المودة والعشرة التي لا تهون إلا على (الجافين)، ويتحول التعبير عن الحب بالكلمات للالتزام بالأفعال كما أسلفنا في نقاشات سابقة.. التزام الزوج بالكد من أجل استقرار وسلامة وضمان مستقبل الزوجة والأبناء، والتزام الزوجة بحسن التبعّل وصون كرامة زوجها وأبنائها عن كل ما يشين أو يكسر الضهر ويطاطئ الجبين ..
وحقيقة، قد تتذمر شريكات الحياة بتأثير الحنان التركي المنداح عبر فضاء المسلسلات، فتقذف في وجه شريك حياتها بتهمة (بقيت ما زي زمان)، وتنسى وتتجاهل أن شريكها هذا (بقى أحسن من زمان) عندما تحول من مرحلة التنظير إلى مرحلة التدبير .. فقد جاء رجل إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشتكي زوجته ويريد تطليقها، وعندما سأله لماذا ؟ قال إنه لا يحبها، فقال له عمر: ثكلتك أمك وهل كل البيوت تبنى على الحب؟ أين المودة وأين المُدامة؟
أي نعم لا تبنى البيوت على الحب والغرام، ولا يعتمد استمرار الحياة الزوجية الصعبة على الهيام، ولكن أهم شروط الزواج أن يتحقق به الاستقرار والسكن النفسي كما جاء في محكم التنزيل: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) .. هذه المقاصد السامية للزواج لا تنفي حاجة الطرفين للكلمة الحلوة والتشجيع وإظهار المودة والعرفان بالجميل ..
مرة .. مرة، فالمكنات بتحتاج لزيت الثناء ومحلبية الكشكرة، ولكن فليكن ذلك دون مبالغة خوفا من أن ينطبق على الشركاء والشريكات حكمة (الحمار شكّروهو برك) ..
حقيقة أخيرة، أنه لشدة ما تعودت النساء على جفاف عواطف الأزواج، صارت من تسمع كلمة حلوة من فم زوجها تنتابها الهواجس بأن الزول ده ناوي يعمل ليهو عملة .. ولا بأس فربما حفزها الشك للتصرف بإيجابية وتنوي له بنية الخير على طريقة أحلام:
ناوية لك على نية .. بس انت اصبر شويه
إذا ما أعلقك فيني وهواك يصير في إيديه.