صلاح الدين عووضة
(الرجالة) ..!!!
*ابن منطقتنا فقير أبايا كان مغرماً بالرجولة إلى حد الهوس ..
*كان يرى أن الصبي إن لم يعتد على (الشَكَل) - بمعدل مرة في اليوم على الأقل - فه لا يمكن أن يغدو (رجلا) ..
*فالمهم أن (يشاكل) - الصبي - وليس مهماً أن يكون منتصراً أو مهزوما ..
*وكان معجباً جداً بجمال عبد الناصر لأنه - حسب ظنه - (راجل) ..
*وكذلك كان يكن الإعجاب ذاته لكل من نميري والقذافي وصدام حسين ..
*أما مثله الأعلى في (الرجالة) فقد كان أدولف هتلر بلا منازع ..
*فكان يصيح فور أن يُذكر اسم الزعيم النازي هذا : (يمين أرجل راجل) ..
*وآخر عهد أبايا بالرجولة هذه كان ليلة عرسٍ لآل بدري المشورين بالعنف والقسوة وافتعال المشاكل ..
*فما أن شرع المطرب في التغني بمزايا الـ(بدرنجي) هؤلاء - كما جرت العادة - حتى اندفع فقير أبايا نحو المنصة الحديدية ليخبطها بعصاه وهو يصرخ : (اللي عاوز رجالة يجي هنا) ..
*وجاءه (بدل الواحد عشرة) كل منهم (نبوته) في طول أبايا وحجمه ..
*وطار تأثير (الدكاي) من رأس فقير مع (طيران) عمامته ..
*وطار معهما - كذلك - أي أثر للـ(للرجالة) منذ اللحظة تلك ..
*وكلما رأيت نزوعاً نحو إظهار (الرجالة) - في زماننا هذا- تذكرت ابن بلدتنا فقير أبايا ذاك ..
*فقد تذكرته - على سبيل المثال – عندما صاح يوسف عبد الفتاح (رامبو) مهدداً التجار
من أراد أن تثكله أمه فليغلق متجره صباح الغد) ..
*وتذكرته عندما صاح والي جنوب كردفان أحمد هارون مطمئناً أبناء كادوقلي بأن لا قصف سيطالهم بعد اليوم : (سوف نكسح ونمسح ونقش ونوريهم الرجالة) ..
*وتذكرته عندما صاح قيادي - دون الرئيس ونائبيه - مهدداً الدولار قبل فترة : (الدولار ده أنحنا ح نقبل عليهو ) ..
*وتخيلت القيادي هذا وهو يواجه الدولار مزمجراً : (لو انت راجل استنانا) ..
*وتخيلي المذكور غذته شواهد للقيادي المشار إليه مع المعارضة فيها الكثير من عشق (بلدياتنا) ذاك للـ(رجالة) ..
*ثم تبعت التهديد الغاضب هذا خطوات بلغت حد (تغييب) نفر من تجار العملة عن (المسرح الدولاري) ..
*وتوالت التصريحات المبشرة بالقضاء على الدولار بـ(القاضية) من تلقاء كل من وزير المالية ومحافظ بنك السودان ومديري المصارف ذات الصبغة (الرسمية ) ..
*وسكب عدد من زملائنا الصحفيين مداداً غزيراً مطالبةً بخفض الأسعار - تبعاً لإنخفاض الدولار - ولما ينقشع غبار (المعركة) بعد ..
*ثم جاءت بشريات أديس أبابا - بين الخرطوم وجوبا - ليظن (الطيبون) من أفراد شعبنا أن الدولار سوف (يتقزم) أمام جنيهنا كما كان عليه حاله في زمان (الله يطراه بالخير) ..
*وفي الوقت هذا كان نفر من خبراء الإقتصاد (الوطنيين) - ومنهم كبج - يصرون (إصراراً) ويلحون (إلحاحاً) على أن التراجع الطفيف في قيمة الدولار حيال عملتنا المحلية هو (مخادع) وليس (حقيقياً) ..
*وقالوا أن الحكومة إذا كانت (جادة) في محاربة إرتفاع الدولار فإن عليها مواجهة (لب) المشكل الإقتصادي وليس (أعراضه)..
*عليها مواجهة الصرف (البذخي) ، والإنفاق الحكومي (الخرافي) ، وبند (الترضيات) السياسية ، والفساد المعلن منه و(المستتر)، وفشل الزراعة والصناعة والإستثمار ..
*وقالوا إن هذه هي (الشجاعة الحقة) - حسب رأيهم - وليست شجاعة (انت يا الدولار ابقى راجل انتظرنا) ..
*وبالفعل لم تصمد إجراءات ممارسة (الرجالة) إلا بمقدار (انتظار) فقير أبايا هجوم الـ(بدرنجي) !!!!