عمود صحفي اعجبني جداً

عمـــــــــــــــمود صحــــفي للجمــــيع فقـــط
-------------------------------

هروب من الواقع ..!!/ الطاهر ساتي
------------------------------




** بالدول الغربية، يتعرف الفتى بالفتاة في محطة قطار أو باحدى محطات الحياة، ثم يحولا المعرفة إلى قصة حب، ويستمتعاً بالحياة الرومانسية حيناً من الدهر، وقد ينجبا طفلاً، وبعد ذلك - أي أخيراً - يقترح أحدهما للآخر الزواج.. وهكذا تقريباً النهج الحاكم بولاية القضارف .. قبل أسابيع، انتهت العملية المسماة بالإنتخابات وجاءت بالضو الماحي والياً بالقضارف..لم يؤد القسم إلى يومنا هذا، بل تأبط حقيبته - ووزيري المالية و الثروة الحيوانية - وغادر القضارف والبلاد إلى السعودية مشاركاً في مؤتمر الإستثمار السعودي السوداني، ولايزال هناك..بآداء القسم يكتسب الوالي مشروعية منصبه، ولكن والي القضارف تجاوز هذا وقفز - مباشرة - إلى مرحلة الأسفار..كان عليه أن يؤدي القسم أولاً، ثم يشكل حكومته ويضع لها برنامج عمل، وبعد ذلك يسافر إلى السعودية وغيرها..هذا ما لم يكن قد تم إنتخابه أميراً للرياض وليس والياً للقضارف ..!!

** وتفاصيل واقع القضارف - بالرأي العام - مدهشة للغاية..بعد مغادرة الوالي الذي لم يؤد القسم ثم وزيري المالية والثروة الحيوانية الى الرياض، وربما عملاً بنهج (مافيش حد أحسن من حد)، تأبط وزير التخطيط العمراني أيضاً حقيبته وغادر القضارف إلى الخرطوم..وكذلك فعل وزير التربية والتعليم..ثم عملا بنظرية ( انتو أحسن مني في شنو؟)،غادر وزير الرعاية الإجتماعية إلى السعودية..وربما إمتثالاً لنهج (ما بحرسها براي)، غادر وزير الزراعة ولايته، ولايزال بالخرطوم..هكذا الحال بالقضارف منذ ألإنتخابات والى يومنا هذا، بحيث لم يعد هناك من يمثل الحكومة غير ( وزير الصحة).. تركوه وحيداً، أو فلنقل لمن يهمهم الأمر : وزير الصحة متواجد بالقضارف حتى ضحى البارحة، ربما يغادرها اليوم الى الرياض أو الخرطوم، حسب ميزانية (بند السفر)..!!

** والقضارف ليست بدعة، إذ سبقتها شمال كردفان أيضاً حين غادرت حكومتها إلى الرياض - بكرت زيارة - وأقامت هناك ( ثلاثة أسابيع).. واليوم، لو أجرت أية جهة - رسمية أو إعلامية- تحقيقاً حول سفر وإقامة الولاة والوزراء، ستكتشف (المواجع)..ولاياتهم محض مزار يتفقدونه بين الحين والآخر أو بصحبة رئيس الجمهورية أو أى وفد مركزي زائر أو لصرف إستحقاقاتهم الشهرية..فالخرطوم - والعواصم العربية - هي المقر الدائم لولاة ووزراء الولايات، وكذلك هي الملاذ الآمن لأسرهم.. قد نجد العذر لمعتمد حلايب حين يتخذ بورتسودان مقراً لحكومته لحين إسترجاع تلك من الحكومة المصرية، ولكن ما بال هؤلاء الذين يقتسمون العام ما بين الخرطوم والعواصم العربية، بلا جدوى..؟؟

** نعم، ولاياتهم (طاردة جداً)، وتفتقر الى الحد الأدنى من وسائل وخدمات الحياة الكريمة، ولكن عليهم أن يتقاسموا بؤس الحال مع رعيتهم، بحيث يتعلم أولادهم مع أولاد رعيتهم في المدارس التي تعاني من نقص (المعلم والكرسي والكتاب)..وعلى أسرهم أن تتداوى مع أسر رعيتهم في المشافي المسببة للداء وليست الجالبة للدواء.. بؤس نهجهم هو الذي يتسبب في بؤس حال ولايتهم، فليتجرعوا (كؤوس البؤس)، أو كما تفعل رعيتهم .. وليس من العدل، أن يكون الوالي مقيماً باسرته بحي المطار بالخرطوم ( طول السنة)، بيد أن رعيته في أطراف البلد تقتات الحرمان على مدار العام.. وليس من العدل أن يكون الوزير الولائي مقيماً بأسرته بالرياض والمنشية ( طول السنة)، بيد أن آداء وزارته في أطراف البلد يجسد الكسل والوهن في أقبح صورهما.. !!

** فالسؤال المهم، كيف ولماذا تغيب حكومة - بواليها وبكامل وزرائها - عن ولايتها أسبوعاً وآخر وثالث، بحجة ( البحث عن المستثمرين)، أو كما يحدث حالياً تحت سمع وبصر السلطة المركزية؟.. وإن كانت هناك ولاية لاتتأثر أجهزتها الحكومية بغياب الوالي والوزراء عنها لثلاثة أسابيع أو أكثر، فما جدوى الوالي الوزراء ؟..ما يحدث، غيابا جماعياً كان أو سفراً دائماً الى الرياض والدوحة، يعكس أن مناصبهم الفارغة طوال أسابيع غيابهم محض مناصب تشريفية ومراد بها (تبديد المال العام)..