عمـــــــود صحفـــي للجمــــيع فقـــــــــط
-----------------------------
الكوبودان..!!! صلاح الدين عووضة
------------------------------
* حاجة خالدة إمرأة من منطقتنا أتذكرها كلما سمعت بجزع دكتاتور ما من الموت..
* أو بالأحرى؛ أتذكر ما يُروى عن لحظات موتها علماً بأنه ما من صلة بينها وبين الدكتاتوريين هؤلاء سوى «حب الحياة!»..
* فهي كانت تحب الحياة إلى درجة مقت كل من «يجيب سيرة الموت» أمامها بمثل مقتها لعباس «الكوبودان»..
* والكوبودان مفردة نوبية تعني «الناعي» الذي يجول البلدة على ظهر حمار صائحاً: « فلان تود غايبي كون»..
* فحاجة خالدة كانت تسد أذنيها ما أن تسمع عبارة عباس هذه التي تخطر الناس بوفاة «فلان».
* وعندما حانت ساعة حاجة خالدة هذه بلغ جزعها حد أن رفضت ترديد الشهادة رغم توسلات من كانوا حولها من الأهل..
* وعوضاً عن ترديد الشهادة كانت تردد « ما ترجمته إلى العربية»: « لكن أنا حصلت ده كلو؟!» إلى أن طلعت روحها مع طلوع الصباح فسكتت عن الكلام المباح..
* والقذافي- على سبيل المثال- أجبرني على تذكر حاجة خالدة هذه حين رأى الموت في عيون المحيطين به من الثوار فطفق يردد بـ «ذلة» لا تتناسب وما كان عليه من «جبروت»: «لا تقتلوني يا أبنائي؛ أنا أبوكم»..
* ولعله كا يردد في سره آنذاك ما يشبه عبارة حاجة خالدة المذكورة: «معقولة أنا حصلت ده كلو بعدما كنت ملك ملوك أفريقيا؟!»..
* وشافيز ذكرني بحاجة خالدة هذه- أيضاً- وهو يقول بوهن لأطبائه وخاصته لحظة الوفاة: «أرجوكم، لا أريد أن أموت»..
* يقول ذلك- شافيز- وهو الذي كان «ينهر» كما الأسد متوعداً أعداءه حيثما كانوا بعد تعديل الدستور ليضحى حاكماً «مدى الحياة!!»..
* أي ليضحى حاكماً «خالداً» بموجب الدستور بمثلما ظنت ابنة منطقتنا تلك أنها «خالدة» بموجب «اسمها»..
* ونميري- من قبل- زين له أتباعه فكرة «الخلود» فسمى نظام حكمه الانقلابي ثورة مايو «الخالدة!!»..
* فلما رأى أن «الموت» كان هو مصير نظامه- بفعل الانتفاضة- أبت نفسه أن تصدق وأطلق من التصريحات ما يمكن صياغته بمفردات حاجة خالدة: « بالله نظامي حصل ده كلو؟!»..
* بل إن شيئاً من القبيل هذا يكون قد قاله- بالفعل- عندما أخطره المصريون بـ«استحالة!!» العودة إلى السودان..
* وهكذا يجزع الدكتاتوريون من فكرة «موتهم»- أو موت أنظمتهم- عندما تحين الساعة وقد كانوا متجاهلين للموت هذا طوال سنوات حكمهم «العديدة!!»..
*أما «فكرة» كلمتنا هذه فقد استلهمناها من داعية- ليس سودانياً بالطبع- كان يتحدث عما أصاب الحجاج بن يوسف من «جزع!!» لحظة الموت..
* وقال إن الحجاج الذي اشتهر بالشجاعة لم يجزع من الموت في حد ذاته وإنما من الذي هو «وراء» الموت هذا..
* والدليل على ذلك أنه كان يردد أسماء بعض الذين قتلهم- من الأبرياء- ومنهم سعيد بن جبير..
* أما من هم أمثال شافيز- من غير المؤمنين بالبعث والحساب- فإن خوفهم من الموت هو مثل خوف حاجة خالدة..
* هو خوف من «مغادرة!!» الدنيا وحسب..
* فكيف إن كان مع العيش في الدنيا هذه «جاه» و«سلطان» و«نعيم»؟!..
* وبالمناسبة........
*«الكوبودان» الذي نعى شافيز هذا هو تلفزيون فنزويلا الرسمي..
* ثم هو التلفزيون ذاته الذي كان قد بشر الناس بـ«خلود» رئيسهم !!!!!