عمـــــــــــــــــــود صحـــــــــفي للجمـــــــيع فقـــــط
-----------------------------------------
سيدة ونظاما فريد!!/ منى سلمان
--------------------------
تختلف شخصية المرء، حسب اختلاف تفاعل صاحبها مع محيطه ايجاباً.. سلباً.. أو حياد، لذلك يمكن تصنف الشخصيات حسب درجة ونوعية تفاعلها، فهناك الشخصية الإيجابية القوية، وهي التي تتمتع بصفات القيادة والسيطرة والمبادرة، وهناك الشخصية السلبية الضعيفة، وهي التي تتخوف من اتخاذ القرار وتميل لأن تقاد بواسطة الآخرين.
عندما يتسبب الزواج في التقاء الضدين .. يظهر التباين بينهما، والذي يكون لا بأس به .. مبلوعاً ومستساغاً، إذا كان صاحب الشخصية القوية هو الزوج، وكان الخضوع والتبعية من نصيب شخصية الزوجة، فهذا على الأقل يتوافق مع الصورة النمطية للعلاقة الزوجية المتعارف عليها، وتكون (الشتارة) والصورة المقلوبة، إذا كانت المرأة الزوجة هي صاحبة الشخصية القوية، التي تمسك باللجام وتقود سفينة الزواج، ويكتفي الزوج بدور التابع المطيع والوفي ..
حينها يكون نصيب هذا الزواج هو (التريقة) .. الخفية منها والمعلنة، حيث يُجرّد الزوج من كل استحقاقات السيادة على البيت .. فينسب بيته لزوجته فيقال عنه (بيت ناس فلانة) .. وينسب أبناؤه لأمهم فيقال عنهم (أولاد فلانة)، وقد يبلغ الاستهزاء به مبلغ أن ينابذ بالألقاب - من وراء ظهره – ويكنّى باسم زوجته فيسمى بـ (راجل فلانة) كأن يقال مثلاً: (عوض نفيسة) أو (شوقي سعاد) أو (جعفر سيدة) وهو بطل قصتنا اليوم.
- اختلفت الأراء حول شخصية (جعفر) البيتوتية، والمحبة للتواجد الدائم بالبيت في صحبة زوجته وأم اولاده (سيدة)، فقد كان مثار تندر وسخرية الرجال، ومادة أنسهم المحببة في مجلسهم بنادي الحي، الذي يجتمعون فيه بالأماسي للعب الورق والضمنة، والجلوس أمام شاشة التلفزيون لمتابعة المسلسل اليومي والأخبار، قبل العودة لبيوتهم على مضض في نهاية الأمسية.
أما نسوة الحي، فكانن يعتبرن سخرية رجالهن من (جعفر) مجرد (حسادة) و(بغر)، على طريقة (الما بتلحقّو .. جدّعو)، وذلك لتمتعه دونهم بمحبة وعناية زوجته (سيدة)، وتفضيله لأنسها الممتع، ودفء رفقتها وعياله، على مجالسة (المهمشين) أسريّا من رجال الحي بالنادي، وإن كانت مقدرتها على التوفيق بين القيام بواجباتها كاملة نحو بيتها وعيالها، والعناية الفائقة في نفس الوقت بنفسها، والتزامها الصارم بزينة الزوجات المرئية منها والمشمومة، مصدراً لحسدهن (هن ذاتن) في (بت أم رقابن) وتمنياتهن سراً أن:
(اريتنا بي حال سيدة بعد الحال) فكم تغنن لها سرّا (سيدة النظاما فريد)!
أما ما لا يختلف فيه الاثنان رجال وحريم، فهو مسكنة (جعفر) وشخصيته المسالمة المحبة للهدوء، مقابل قوة شخصية (سيدة) المتحكمة في كل شاردة وواردة من شئون حياتهم المشتركة .. ليس بالضرورة لتسلطها ورغبتها في التريس دونه، ولكنه فقط مجرد صدفة القسمة التي حكمت بتلاقي الضدين .. ضعيف وقوي فنتج عن ذلك تابع ومتبوع.
لم يتعود (جعفر) على أن يبت في أمر من الأمور دون مشورة (سيدة)، طوال سنين زواجهما التي تجاوزت العقدين من الزمان .. لذلك كان رده على أفراد (لجنة المسجد) منطقياً وتلقائياً ولا يستدعي – حسب وجهة نظره -الزعل ومعّيط الشعر من جانبهم!!
فقد قرر أهالي الحي إقامة مسجد في الساحة الكبيرة التي تتوسط حيهم، بدلاً عن الهجرة لمساجد الأحياء المجاورة للصلاة .. اجتمعوا وكونوا من بينهم لجنة متابعة لـ (سك) جهات الاختصاص، واستخراج التصديقات اللازمة لبناء المسجد.. وكان أحد تلك الإجراءات الأولية، هي أحضار موافقة أصحاب البيوت المطلة على الساحة، على إقامة المسجد ومن ضمنهم بيت (جعفر سيدة).
طافت اللجنة على البيوت، وحصلت على توقيعات أصحابها بالموافقة إلى أن وصلوا لـ (بيت ناس سيدة) .. طرقوا على الباب ففتحه لهم (جعفر)، وبعد أن شرحوا له الغرض من زيارتهم سألوه:
أها قلتا شنو .. توقّع لينا على الموافقة دي؟
تلعثم (جعفر) لبرهة قبل أن يقول في حيرة بريئة:
والله ما عارف !! .. كدي دقيقة النشاور سيدة !!